لندن: كتب محمد الطّورة
ولد زيد الرفاعي رئيس الوزراء السابق في العاصمة الأردنية عمان، في عائلة الرفاعي السياسية العريقة، والتي تتمتع بسمعة مرموقة في المجتمع الأردني. شكلت خلفيته العائلية جزءًا كبيرًا من شخصيته ومسيرته السياسية. يعتبر والد زيد، الذي شكل الحكومة الآردنية عدة مرات ، نموذجًا للالتزام بالخدمة العامة، وقد ساهم في إلهام زيد في سعيه نحو تحقيق التغيير في الأردن.
نشأ زيد في منزل سياسي يشجع على التعليم والثقافة، حيث أتيحت له فرص التعليم في مدارس ذات مستوى عالٍ، حيث أظهر شغفًا كبيرًا بالمعرفة، وخاصة في مجالات التاريخ والسياسة. كان لهذا الشغف أثرٌ ملحوظ على دراسته الجامعية. هذه التجربة الأكاديمية زودته بفهم عميق للقضايا السياسية والاقتصادية التي تواجه الدول العربية، وهو ما انعكس لاحقًا في جهوده خلال مسيرته العملية.
تأثرت شخصية زيد الرفاعي أيضًا بالظروف السياسية التي مرت بها الأردن في فترة نشأته. فقد شهدت تلك الحقبة العديد من التغيرات الاجتماعية والسياسية التي شكلت وعيه وإدراكه للواقع الأردني، الأمر الذي عزز من رغبته في العمل العام. عبر انخراطه في مجال العمل السياسي، بدأ زيد في بلورة أفكاره السياسية وتطبيقها، مما مهد الطريق له ليصبح حكيمًا وصانع قرار كبير في تاريخ السياسة الأردنية.
تعتبر المسيرة السياسية لزيد الرفاعي علامة بارزة في تاريخ السياسة الأردنية، حيث تولى عدة مناصب حكومية رئيسا للوزراء ، رئيس للديوان الملكي ، وزيراً وسفيراً ساهمت مشاركته في تولي هذه المناصب في تشكيل السياسات العامة في المملكة. كان لخبرته في العمل الحكومي دور بارز في تعزيز استقرار البلاد وتوجيه سياساتها نحو الابتكار والتنمية. مما ساعده على بناء علاقات استراتيجية مع دول العالم في سياق الإحداث المحيطة في تلك الفترة.
عُرف زيد الرفاعي بقدرته على إدارة الأزمات واستخدام الحوارات السياسية لضمان التفاهم بين مختلف الأطراف. هذه المهارات ساعدت في إحراز تقدم في العلاقات الثنائية بين الأردن ودول الجوار، حيث عمل على تنسيق التعاون الاقتصادي والأمني. لقد كانت جهوده واضحة في تعزيز علاقة الأردن مع دول الخليج، مما أدى إلى تحفيز الاستثمارات العربية في الأردن، وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين.
في سياق آخر، تولى الرفاعي دورًا فعالًا في مجلس الأعيان، حيث عمل على تقديم المشورات الحكومية الهامة. كان له تأثير كبير في عملية صوغ القوانين والتشريعات، إذ كان دائمًا يسعى لتعزيز جوانب التنمية المستدامة. ومع ذلك، لم تكن مسيرته خالية من التحديات، حيث واجه العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تطلبت قرارات صعبة. على الرغم من ذلك، استطاع الرفاعي أن يترك بصمة واضحة في السياسة الأردنية من خلال رؤيته ورغبته في تحقيق التغيير الإيجابي للبلاد.
كان للزعيم السياسي زيد الرفاعي دورٌ بارزٌ في تطوير العلاقات الأردنية مع الدول العربية والدول الأجنبية، حيث أسس مجموعة من العلاقات الاستراتيجية التي ساهمت في تعزيز مكانة الأردن على الساحة الدولية. فقد أظهر الرفاعي رؤيةً سياسيةً تتسم بالحكمة والاعتدال، مما جعله قادرًا على إقامة شراكات فعالة مع حكومات عدة، سواء كانت عربية أو دولية. من خلال هذه العلاقات، تمكن الرفاعي من تمهيد الطريق لعقد اتفاقيات ومفاوضات ساهمت في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
على صعيد العلاقات العربية، عمل الرفاعي على تعزيز الروابط بين الأردن والدول الخليجية، حيث كانت لهذه العلاقات تأثير مباشر على القطاع الاقتصادي والسياسي في الأردن. كما حاول الرفاعي أن يلعب دورًا في دعم القضايا العربية المشتركة، مثل القضية الفلسطينية، مما منحه مصداقية أكبر على المستوى الإقليمي. بالإضافة إلى ذلك، فقد عمل على تقوية العلاقات الثقافية والتجارية مع الدول العربية، مما زاد من الترابط بين الأردن وباقي دول المنطقة.
أما على الصعيد الدولي، فقد سعى زيد الرفاعي إلى إقامة علاقات متوازنة مع القوى الكبرى، مما ساعد الأردن في الحصول على دعم دولي في المجالات الاقتصادية والسياسية. وقد تجسدت رؤيته السياسية في المفاوضات التي أدارها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث ساهمت هذه العوامل في تعزيز الأمن والاستقرار في الأردن. إن هذه العلاقات لم تقتصر فقط على الجوانب السياسية، بل كانت لها أيضًا تأثيرات إيجابية على مستقبل الأردن الاقتصادي والاجتماعي، مما ساعد في بناء صورة إيجابية للأردن على المستوى العالمي.
بعد وفاته، لا زالت ذكراه تتجلى في الحياة السياسية الأردنية، من خلال احتفالات يقيمها المجتمع الأردني تكريمًا لإرثه. تتضمن هذه الاحتفالات المحاضرات والندوات التي تتناول إنجازاته وتفاصيل حياته السياسية، مما يُسهم في تمرير قيمه ومبادئه إلى الأجيال الجديدة. إذ غالبًا ما يُستشهد بقصصه وتجربته في عدة مجالات، مما يساعد على تعزيز الهوية الأردنية.
على صعيد الأسرة، تستمر عائلة زيد الرفاعي في السير على نهجه. يمثل ابنه سمير الرفاعي مثالاً بارزًا، حيث ساهم في السياسة الأردنية الحديثة من خلال توليه رئاسة الوزراء وعدة مناصب وزارية ومساهمته في تطوير المشاريع التنموية. يمثل سمير الرفاعي استمرارًا لنهج والده، حيث يسعى إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاجتماعية والسياسية، مؤكدًا على أهمية المبادئ التي غرسها زيد الرفاعي في عقله ووجدانة.
يُعدّ إرث زيد الرفاعي نقطة مرجعية مهمة يحتذى بها في الساحة السياسية، حيث تجسد الذكرى تعبيرًا عن الاحترام المتزايد الذي يتمتع به في قلوب الأردنيين. تعتبر مساهماته، وكذلك ديناميكيته في التعامل مع التحديات، عناصرً أساسية لا تُنسى في تاريخ الأردن الحديث.