لندن: كتب محمد الطّورة
رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني الثاقبة في إدارة الحوار مع المواطنيين ،ومراهنة بعض المسؤولين الخاسرة على صبر الحليم إذا غضب
تجسد رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في إدارة الحوار الوطني المساعي الحثيثة لتعزيز العلاقة بين القيادة والشعب. يعتبر جلالته الحوار وسيلة أساسية من أجل إشراك المواطنين في صنع القرار والمشاركة الفاعلة في القضايا الوطنية. هذا النهج لا يقتصر فقط على تحسين قنوات الاتصال، بل يتضمن أيضًا استيعاب أفكار وتطلعات أبناء المجتمع الأردني، مما يسهل الوصول إلى توازن بين التطور الاجتماعي والتقدم الاقتصادي.
يعتمد جلالة الملك عبدالله الثاني على استراتيجيات متعددة في إدارة حواراته مع المواطنين، بدءًا من اللقاءات المباشرة والمفتوحة إلى الاستماع إلى الاقتراحات من خلال المنصات الرقمية. يتمثل الهدف الأساسي لجلالته في أن يشعر كل مواطن بأنه يمثل جزءًا من العملية السياسية وأن صوته مسموع. تعتبر هذه المشاركة ضرورية لبناء الثقة وتعزيز الروابط بين الحكومة والمواطنين.
تتميز رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني بكونها شاملة، حيث تتناول قضايا حساسة مثل الحريات العامة، الإصلاحات السياسية، والتنمية المستدامة. من خلال تفعيل الحوار الوطني والتفاعل الإيجابي مع المجتمع المدني، يهدف جلالته إلى خلق بيئة صحية تسمح بتبادل الأفكار والتوجهات. هذا النوع من التفاعل يعزز من التوجهات الإيجابية ويساعد في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأكثر إلحاحًا.
تتجلى قدرة الملك عبدالله الثاني على إدارة الحوار في مختلف المحافل، حيث يظل الحوار أداة أساسية لأي مجتمع ملتزم بالتقدم والازدهار. إن تطوير مهارات الاستماع الفعالة والأخذ بالاعتبار لرؤى المواطنين يعكس التزام جلالته بتعزيز ديمقراطية شاملة وقابلة للتغيير.
تُعتبر المراهنة من قبل بعض قادة مؤسسات الدولة على صبر الحليم واحدة من الممارسات التي يمكن أن تُفضي إلى عواقب سلبية وخيمة، خاصة عند استغلال صبر الأشخاص الذين يتمتعون بروح الحلم والتسامح. عندما يتم تجاهل قدرات الحليم واستغلال صبره بشكل غير عادل، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم المشكلات القائمة وإخلال التوازن في العلاقات. فالحليم، بصفته شخصاً يتحلى بالصبر، غالباً ما يتوقع من الآخرين أن يلتزموا بوعودهم وعهودهم. لكن في حال تم انتهاك هذه العهود بشكل متكرر، فإن هذا الشخص قد يجد نفسه في موقف صعب تتصاعد فيه المشاعر السلبية مثل الاستياء والغضب.
يجب أن نُفكر في العواقب المحتملة للمراهنة على صبر الحليم، حيث يمكن أن تفقد العلاقات والتفاهمات أهميتها وتصبح غير قابلة للإصلاح. الشخص الحليم قد يتحمل الكثير لوقت طويل، لكن في نهاية المطاف، يكون لديه حدود. عندما يتعرض هذا الشخص للتطنيش والتسويف أو عدم الاحترام، فإن صموده سوف يتقوض، وقد يؤدي ذلك إلى الفشل في استمرارية العلاقات وإلغاء التفاهمات. لذلك، فإن أعتماد البعض على صبر الآخرين في مثل هذه المواقف تضليل واضح. بدلاً من التعويل على صبر الشخص الحليم، من الأفضل العمل على بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتفاهم.
إن الاعتماد غير المنصف على صبر الآخرين قد يكون مُضرًّا للطرفين. فعندما يتم التجاوز على حدود الحليم الشخصية او على حدود كل من له ارتباط به بالمضايقة والتشكيك في أفعاله ونواياه، قد يظهر الشخص في النهاية رد فعل تكون أكثر حدة مما كان يمكن توقعه. ولذا، من المهم مراعاة مشاعر الآخرين والالتزام بالوعود. وعليه، فإن الرهان على صبر الحليم ليس مجرد تدبير غير حكيم، وإنما هو أيضاً دعوة للتفكير العميق حول كيفية التعامل مع الوعود والعهود في العلاقات خصوصاً إذا كان مصدرها مؤسسات الدولة الرسمية ومباركة القادة وأصحاب القرار فيها.
تعزيز الثقة والوفاء بالوعود يتطلب اتباع مجموعة من الاستراتيجيات الفعّالة التي تساهم في بناء علاقات صحية ومستدامة. أولاً، يعد التواصل الفعّال عنصرًا أساسيًا في أي علاقة. إذ يجب أن يُشجع الأفراد على التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم بوضوح، مما يساعد في تقليل التوقعات الخاطئة ويسهم في فهم أعمق بين الأطراف. ضرورة وجود محاور ذكي ومنفتح وصادق ومحايد لا يضمن فقط وضوح الرسائل المتبادلة، بل يسهم أيضًا في تقوية الروابط بين الأطراف المتحاورة وأمانه توصيل ونقل الرسائل (لوجهتها المباشرة) كما هي بكل أمانه وصدق
ثانيًا، من الضروري وضع حدود واضحة. لمعرفة ما هو مقبول وما هو غير مقبول تساعد في تجنب سوء الفهم والإحباط. يتطلب ذلك من الطرفين أن يتفقوا على ما يعتبرونه من مسؤولياتهم وواجباتهم تجاه بعضهم البعض. هذه الحدود تعمل كإطار يحفظ التكامل بين العلاقات ويعزز من احترام العهود المتفق عليها.
عند وقوع انتهاكات ، فإن الشجاعة تحتم الاعتراف بذلك كخطوة حاسمة في إعادة بناء الثقة. يجب على الأطراف أن يكونوا مستعدين للاعتراف بأخطائهم وتحمل مسؤولية أفعالهم. التعاطف مع الطرف الآخر وفهم تأثير الانتهاك عليه يمكن أن يسهل عملية المصالحة. بعد الاعتراف، من المهم العمل بطريقة إيجابية لتصحيح الخطأ، سواء من خلال الاعتذار الصادق أو من خلال اتخاذ تدابير ملموسة لتعويض الضرر. هذه الخطوات تعزز من إمكانية إعادة الثقة، مما يسهم في تحويل الأزمات إلى فرص لتعزيز العلاقات.
باستخدام هذه الاستراتيجيات، يمكن للمؤسسات تعزيز الثقة والوفاء بالوعود ، مما يحقق علاقات أكثر استقرارًا ونجاحًا ويبعد شبح التراشق والتلاوم بين الأطراف قبل فوات الآوان.