أعادت دراسة جديدة تعريف مفهوم السيطرة بين الرئيسيات، بعدما كشفت أن الإناث غالبا ما تتفوق في صراعات القوة، وأن هيمنة الذكور ليست قاعدة ثابتة كما كان يُعتقد.
ولطالما صوّر المجتمع ذكر الألفا كالقائد المسيطر (مصطلح يُستخدم لوصف الذكر الذي يتولى القيادة أو السيطرة داخل مجموعة معينة)، لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن هذا التصور يعكس تحيزا ثقافيا أكثر مما يعكس الواقع البيولوجي، حيث أظهرت النتائج أن قوة الإناث هي نمط تطوري شائع بين الرئيسيات.
ودرس فريق من الباحثين الألمان سلوك 151 مجموعة من ذكور وإناث الرئيسيات، والتي تشمل البشر والقرود والقردة العليا (مثل الشمبانزي والغوريلا)، ووجد أن الإناث تفوز في معارك القوة في كثير من الأحيان، بل وتتحكم في عملية التزاوج في العديد من الأنواع.
وحلل الباحثون سجلات سلوكية مفصلة، وتابعوا بدايات الصراع ومن يفوز به، فوجدوا أن الإناث تنتصر في حوالي حالة واحدة من كل 8 حالات، بينما يهيمن الذكور في حالة واحدة من كل 6 حالات. وفي نحو 70% من المجموعات، كان توزيع القوة متوازنا بين الذكور والإناث.
وأظهرت الدراسة أن قوة الإناث لا تقتصر على المواجهات البدنية، بل تمتد إلى التحكم في التزاوج، حيث لا يمكن للذكور إجبار الإناث، ما يمنح الإناث سلطة تفاوضية قوية.
وقالت الدكتورة إليز هوشارد، عالمة الأحياء التطورية في جامعة Montpellier: “إذا لم ترغب الأنثى في التزاوج، فلا يستطيع الذكر إجبارها، وهذا يمنحها القوة”.
وكانت هيمنة الإناث أكثر بروزا في الأنواع التي تعيش على الأشجار، حيث يتقارب حجم الذكور والإناث، ويكون التزاوج غالبا أحادي الزوجة. أما في الأنواع الأرضية التي يختلف فيها الحجم بشكل كبير ويتزاوج الذكر مع عدة إناث، فكانت هيمنة الذكور أكثر شيوعا.
ورغم ذلك، وجد الباحثون استثناءات، حيث تولت الإناث السيطرة في بعض مجموعات النوع نفسه. كما بينت الدراسة أن نحو نصف المعارك تكون بين الذكور والإناث، وليس فقط بين أفراد من الجنس نفسه.
ودرس الباحثون 5 نظريات لشرح سيطرة الإناث، وكان الدعم الأقوى لنظرية التحكم الإنجابي وتنافس الإناث، كما هو الحال في قرود البونوبو التي تتزاوج فيها الإناث مع عدة ذكور وتشكل تحالفات قيادية.
وأشار الباحثون إلى أن توزيع السلطة يتأثر بعدة عوامل، منها البيئة ونظام التزاوج وحجم المجموعة وشخصيات الأفراد، وهذا التفاوت يمكن ملاحظته بين أنواع الرئيسيات المختلفة، بما في ذلك البشر.
وفي هذا السياق، أظهرت بيانات حديثة أن القيادات النسائية تتميز ببناء علاقات قوية وأصيلة، مع شعور واضح بالمسؤولية تجاه الصالح العام.
نشرت الدراسة في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم.
المصدر: ديلي ميل