العموم نيوز:
الغارديان: العالم العربي يتغير إلى درجة يصعب التعرف عليهالغارديان: العالم العربي يتغير إلى درجة يصعب التعرف عليه
تقول الأمم المتحدة إن خمسة وعشرين مليون سوداني، أكثر من نصف سكان البلاد، يحتاجون إلى المساعدة الآن
نبدأ جولتنا من صحيفة الغارديان البريطانية، ومقال بعنوان “من بيروت إلى الخرطوم، العالم العربي يتغير بدرجة تجعل من الصعب التعرف عليه”،
بقلم الكاتبة السودانية نسرين مالك.تستعرض الكاتبة السودانية التي تقيم في لندن الأزمات والحروب التي تمر بها العديد من دول العالم العربي في الوقت الراهن، ومنها الحرب الأهلية في السودان المستمرة منذ أكثر من عام ونصف، والحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان، والأحداث الأخيرة في سوريا مع سيطرة فصائل المعارضة على مناطق في حلب ثاني أكبر المدن السورية، وغير ذلك من التطورات.تقول الكاتبة أن تلك الأحداث أفرزت طقساً جديداً في تعاملها مع أصدقائها العرب الذين التقتهم على مدار الأشهر الماضية، بسؤال متبادل ومتكرر عن “كيف حالك؟ أين عائلتك؟ أتمنى أن تكون بأمان، وآمل أن يكونوا بأمان. أتمنى أن تكون بخير. نحن معك”.
بعد عشرة أعوام: كيف تبدو الصورة في بلدان” الربيع العربي”؟
في ظل تدفقات السلاح وشبح المجاعة، هل تنجح جهود السلام في إنهاء الأزمة في السودان؟
وكتبت نسرين: “حتى في الضفة الغربية المحتلة، سألني كل فلسطيني التقيت به عن السودان” وتروي: “قال لي أحد الفلسطينيين إنه لأمر مخزٍ للغاية، وغير ضروري على الإطلاق. إن قادتنا هم الذين يريدون القتال دائماً، وليس الشعوب”.
وترى الكاتبة أن المشهد في مختلف أنحاء العالم العربي يبدو بائسا بشكل استثنائي تاريخياً، موضحة أن “الواقع أن العديد من البلدان ــ ليبيا والعراق واليمن وسوريا ــ إما منقسمة بسبب صراعات مستعرة أو منخفضة الدرجة (سوريا تتصاعد مرة أخرى)، أو تكافح من أجل التغلب على الأزمات الإنسانية”.وتشير الكاتبة إلى ما شهدته السنوات الماضية من حصيلة صادمة في أعداد القتلى والنزوح أيضا، حيث “تكررت مشاهد مئات الآلاف من اللبنانيين الفارين من القتال على مدى الأشهر السابقة إلى مختلف أنحاء المنطقة”.
وأسفرت تلك الحروب والأزمات عن “ملحمة مؤلمة من النزوح وتفرق العائلات وإعادة التوطين غير المستقرة” بحسب نسرين، وتوضح: “يعيش كل السودانيين تقريبا، داخل السودان وخارجه، مع أفراد آخرين من الأسرة في ظروف مؤقتة، حازمين حقائب السفر، في انتظار المرة التالية التي يتعين عليهم فيها الانتقال مرة أخرى”، و”أولئك هم المحظوظون، الذين نجوا من التطهير العرقي والمجاعة في أجزاء أخرى من البلاد” على حد تعبيرها.
وتستعرض الكاتبة الدمار الذي تعرضت له المدن التاريخية الكبرى في العالم العربي، حيث أن “جميع المواقع المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي في سوريا إما تضررت أو دمرت، ودمر الجيش الإسرائيلي المسجد العمري الكبير في غزة، والذي يعود تاريخه إلى القرن الخامس، كما تم تصنيف مدينة صنعاء القديمة في اليمن، والتي يبلغ عمرها أكثر من 2500 عام، على أنها في خطر منذ عام 2015، وفي هذا العام، في السودان، تم نهب عشرات الآلاف من القطع الأثرية، بعضها يعود إلى العصر الفرعوني”، مؤكدة أنه “يمكن إعادة بناء المدن، لكن التراث لا يمكن تعويضه”.
وترى الكاتبة أنه حتى الدول المستقرة مثل مصر لم تنج من هذا التخريب الثقافي، إذ “يتم هدم المواقع التراثية لإفساح المجال للتنمية الحضرية، من قبل حكومة تسارع إلى إعادة بناء مصر لتتوافق مع ثقافتها الأحادية”، موضحة أنه “يوجد تعبير مجازي ينطبق على جميع أنحاء المنطقة وهو: من أجل ترسيخ السلطة، تسعد المؤسسة السياسية بتخريب الهوية”.
وتختتم الكاتبة بأن الأمور بعيدة كل البعد عن الوضع المثالي، ولكن هناك احتمال أن تتاح الفرصة بعد بضعة عقود لبداية جديدة (في السودان وغيرها)، مشيرة إلى أنه “ربما يكون أفضل ما يمكن أن تأمله هو بداية جديدة، وليس إعادة تأهيل الماضي”