بعد لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني بالرئيس الاميركي ترامب وتاكيد جلالته على ثوابت الموقف الأردني برفض تهجير الشعب الفلسطيني إلى الأردن ومصر والسعودية ، جاء الاستقبال الشعبي الحاشد لقائد الوطن في عمان الذي تمثلت فيه كل مكونات وفئات الشعب الأردني سواء كانت العشائر الأردنية او النقابات المهنية او الهيئات والجمعيات الثقافية والأحزاب السياسية والقطاعات الاقتصادية.
وبذلك تطابق الموقف الرسمي تماما مع الموقف الشعبي الذي ثمن عالبا حرص جلالة الملك على مصلحة الوطن وأمنه واستقراره وعلى مساندة الشعب العربي الفلسطيني في كل فلسطين لترسيخ صموده و تثبيت وجوده على ترابه الوطني، ويضاف إلى ذلك حقه المشروع في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وضرورة تنفيذ كل القرارات والمبادرات العربية الداعية الى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو ( حزيران) ١٩٦٧م .
والعنصر المهم الاخر الذي تميز به الموقف الأردني هو ربطه بالموقف العربي الموحد الداعم لذلك كله وصولا إلى السلام العادل والشامل في المنطقة ،وهو ما ينتظر ان يعلن خلال القمة العربية القادمة في الرياض والقمة التي سوف تليها للدول الإسلامية في القاهرة بدعوة من الرئيس المصري.
ولا نشك في ان القمتين ستتخذان موقفا موحدا يتماهى مع الموقفين الأردني والمصري .، والعمل على إعمار غزة دون تهجير اهلها الصامدين المرابطين في ارضهم .
وأمام هذا التمسك اللافت بموقف عربي إسلامي موحد وقوي يصبح من الصعب تمرير مقترحات الرئيس الاميركي الفردية القائمة على تشريد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وتهجيره إلى دول الجوار من اجل حل أزمة الكيان الاسرائيلي الامنية والديموغرافية والوجودية على حساب الارض الفلسطينية والشعب الفلسطيني كله .طبعا تحت مظلة حل القضية الفلسطينية حلا جذريا ومزاعم ايجاد حل سلمي دائم.
وكما قلت هنا في مقال سابق فان حرب الإبادة والتطهير العرقي والتهجير والتوطين مستمرة ضد الشعب الفلسطيني منذ بدايات القرن الماضي بوعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو و بالمزاعم التلمودية المعروفة .
بالمقابل تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام الصهيوني في دول عديدة مقالات ومعلومات مضللة لحرف المواقف العربية الرافضة عن مسارها الطبيعي والتشويش عليها والتشكيك بمصداقيتها وسط ادعاءات “تشبه الهلوسة ” عن مخطط نتنياهو ترامب للتهجير والتوطين وما يصاحبه من إغراءات مادية ضخمة لصرف الأنظار عن القضية الأصلية ،وهي استمرار الاحتلال الصهيوني ومخططاته الاستراتيجية لطمس الهوية الوطنية الفلسطينية وإظهار الأمر وكأن غزة والضفة ارض بلا شعب وانها قابلة للشراء والتبادل كما في سوق النخاسة الدولية.
من المتوقع ان يتعرض الأردن لهجمات سيبرانية تعمل على تشويه مواقفه المبدئية الراسخة التي لم تتغير على مدى سنوات الصراع العربي الصهيوني الطويل.
لقد قال الأردن كلمته بوضوح وتبات وكذلك فعلت مصر والسعودية ودول الخليج العربي وسيتم تاكيد ذلك مجددا عبر قرارات القمتين العربية والاسلامية ..
وهذا سيجعل ترامب في موقف لا يحسد عليه . وليبقى الحق الفلسطيني ظاهرا و مهما بلغت التحديات .
و يبقى الرهان الدائم هو تمسك الشعب الفلسطيني بارضه وصموده البطولي ومقاومته المستمرة لكل المخططات الصهيونية والاميركية الرامية إلى التهجير القسري بعد العدوان المستمر وحرب الإبادة الجماعية.