في وطنٍ طالما كان شبابه وقود النهضة وأمل الغد، يتحدث سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، بكلمة تحمل من الصراحة ما يشبه الصدمة الإيجابية، ومن الوعي ما يجعلنا نعيد النظر في الطريقة التي نُدير بها قطاعًا حيويًا كالأندية الرياضية.
لقد قدّم سموه، في حديثه الأخير، تشخيصًا دقيقًا لحالة الخلل التي تعاني منها الرياضة الأردنية ، لم يُجامل أحدًا، ولم يُخفِ حقيقةً ، تحدث عن البيروقراطية التي تعرقل، لا التي تُنظم، وعن المواهب التي تُهمل، لا التي تُرعى، وعن أنظمةٍ وقواعد تجاوزها الزمن ولم تعد تخدم واقعنا المجتمعي ولا تطلعاتنا الشبابية.
رسالة الأمير كانت واضحة: لا يمكننا أن نُراكم الفشل ثم نطالب بالإنجاز ، ولا يجوز أن نتحدث عن الحلم الأولمبي، أو عن دور الرياضة في التنشئة الوطنية، ونحن نُدير مؤسساتنا بعقلية الفزعة ، ونختبئ خلف لوائح لم تعد تُنتج إلا مزيدًا من الجمود والتكرار.
إن ما قاله سموه لم يكن نقدًا لمجرد النقد، بل دعوة جريئة إلى إعادة التأسيس. إلى التفكير بمنطق الابتكار، وتجاوز “العرف الإداري” الذي أصبح اليوم عبئًا لا وسيلة تنظيم ، كان سموه كمن يفتح النافذة في غرفة مغلقة، قائلاً: “الشباب الأردني يستحق أكثر، والمواهب موجودة، والمشكلة فينا نحن، في البنية، في الإدارة، في النظرة”.
هذه الصراحة الملكية النبيلة ليست جديدة على سمو الأمير، لكنها اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى ، فالشباب الأردني لا ينقصه الطموح، بل يحتاج إلى من يؤمن به، ومن يمنحه المسار، ومن يصغي لنبضه بدلًا من التمترس خلف مكاتب التردد.
لقد أنصف سموه النشامى داخل الميدان، وأوصل صوتهم إلى دوائر القرار، وكأن لسان حاله يقول: الرياضة ليست ترفًا، بل أمن مجتمعي، وهوية وطن، ومسار تنمية.
إن كلمته يجب أن تُترجم فورًا إلى خطة عمل، لا إلى أرشيف خطابات ، ويجب أن تكون محطةً للبدء، لا مجرّد محطة إعجاب ، فحين يتحدث القائد الشاب بهذا العمق، فإن مسؤوليتنا أن نكون على قدر الرؤية، وأن نُدير رياضتنا — كما وطننا — بعقلٍ ينبض، وضميرٍ لا يتقاعد.
كل التقدير لسمو ولي العهد… لأنه لم يقف عند التشخيص، بل أطلق نداءً يُلزمنا جميعًا بأن نُجدد العهد مع الرياضة، لا كفعالية موسمية، بل كمسار حياة.