العموم نيوز: هل بدأ المغرب الوساطة لدى المجلس العسكري الحاكم في النيجر للإفراج عن الرئيس المخلوع محمد بازوم، بعد نجاح وساطة مماثلة في بوركينا فاسو أدت إلى إطلاق سراح أربعة ضباط فرنسيين كانوا محتجزين في واغادوغو؟ وما هي العوائق التي قد تحول دون نجاح هذه الوساطة، في ظل فشل محاولات مماثلة من دول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا والجزائر؟
ورغم تعقيد قضية بازوم مقارنة بقضية الضباط الفرنسيين الذين نجح المغرب في الإفراج عنهم، إلا أن الظروف الحالية قد تكون مواتية لتحقيق نجاح في هذه الوساطة. ففي حال تمكن المغرب من إقناع المجلس العسكري في النيجر بالتخلص من عبء وجود “رئيس منتخب” ينازع على السلطة، فإن ذلك قد يسهم في تحقيق رغبة بازوم في الحصول على حريته، ويخرجه من دوامة محاكمة كانت تهدد بحبسه لسنوات بتهمة “الخيانة والتآمر” وتعريض أمن الدولة للخطر.
مكانة المغرب في الأزمة النيجيرية
تُظهر التقارير أن المغرب يسعى جاهدًا لإتمام وساطته في قضية بازوم، الرئيس الذي أطاح به انقلاب عسكري في 26 يوليو 2023، وأُلزم بالإقامة الجبرية منذ ذلك الحين في مقر إقامته بالعاصمة نيامي. ويعتمد المغرب في مساعيه على علاقاته القوية مع المجلس العسكري في النيجر، مستفيدًا من سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الساحل بشكل عام، والتي أظهرت نجاحًا في تعزيز حضور المغرب على الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي.
تتمثل استراتيجية المغرب في تعزيز التعاون مع النيجر في مشاريع تنموية متعددة، منها بناء محطات كهرباء ومشاريع زراعية، إضافة إلى خطط لربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي. كما تسهم هذه المشاريع في تحسين صورة المغرب داخل هذه الدول، بما في ذلك نيجر، التي انضمت مؤخرًا إلى مبادرة مغربية لتسهيل وصول دول المنطقة إلى البحر.
على الصعيد السياسي، يتمتع المغرب بمكانة قوية في منطقة الساحل، خاصةً بعد نجاحه في تسوية أزمة ليبيا عبر وساطات دامت لسنوات. هذا النجاح يضع المغرب في موقع مثالي للتوسط في النزاعات الإقليمية الأخرى مثل تلك التي تشهدها النيجر.
هل يوافق المجلس العسكري على الوساطة؟
من المهم التساؤل: هل سينجح المغرب حيث فشلت قوى دولية كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا؟ يرى مراقبون أن الإجابة قد تكمن في توقيت الوساطة والطريقة التي يتبناها المغرب، والتي تتميز بالسرية والدقة. ففي ظل استعداد النيجر للتوصل إلى تسوية بعد أن استتب الوضع الداخلي، قد يكون المجلس العسكري في نيامي مستعدًا لتقديم ضمانات بعدم ممارسة الرئيس المخلوع نشاطًا سياسيًا حال تم الإفراج عنه.
ورغم ذلك، لا يزال بعض أعضاء “المجلس الوطني لحماية الوطن” الذي تم تشكيله عقب الانقلاب يشككون في التزام بازوم بالابتعاد عن السياسة إذا تم الإفراج عنه، ويعتبرون أن الإبقاء عليه قيد الإقامة الجبرية يمثل الضمان الوحيد لاستقرار حكمهم.
في المقابل، يعتقد آخرون أن المفاوضات الحقيقية التي قد يخوضها المغرب ستكون مع الرئيس السابق نفسه، الذي لا يزال متمسكًا بالسلطة ويحلم بالعودة إليها. ورغم اعترافه بمرارة الوضع، فإن بازوم قد يرفض أي وساطة تشمل شروطًا لا تتناسب مع موقفه أو تطلعاته.
نجاح الوساطة المغربية في بوركينا فاسو
يُذكر أن المغرب قد نجح في وساطة مماثلة في بوركينا فاسو، حيث تم الإفراج عن أربعة ضباط فرنسيين من جهاز المخابرات الفرنسية، بعد أن تم احتجازهم لمدة عام بتهمة التجسس. وبعد نجاح الوساطة، عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن شكره للملك محمد السادس على هذا الدور الوسيط، مما يعزز من مكانة المغرب في الساحة الدبلوماسية الإفريقية والدولية.
في النهاية، يبقى نجاح الوساطة المغربية في قضية الرئيس بازوم رهينًا بعدة عوامل، منها التوقيت ودرجة التنازلات التي قد يتخذها كلا الطرفين، إلى جانب الرغبة الحقيقية في استقرار الوضع الداخلي في النيجر وتجنب المزيد من التصعيد السياسي.